الأميرة ريم علي تدعو إلى تغيير صورة العرب النمطية في الإعلام الغربي

Image: 
17 كانون أول 2013
<div dir="rtl">على هامش إطلاق خدمة البث المترجم لقناة &quot;العربية&quot;<br /> <br /> <strong>الأميرة ريم علي تدعو إلى تغيير صورة العرب النمطية في الإعلام الغربي</strong><br /> <br /> عقدت قناة &quot;العربية&quot; منتدى حوارياً جامعاً حمل اسم &quot;منتدى العربية للحوار الدولي&quot;، على هامش إطلاقها خدمة البث المترجم على الموقع الإنجليزي الجديد للقناة على الإنترنت، وتزامناً مع مرور عشر سنوات على انطلاق بثّها ، وذلك بحضور مجموعة بارزة من الشخصيات السياسية والثقافية والإعلامية الدولية.<br /> <br /> وشدّدت الأميرة ريم علي، مؤسِّس معهد الإعلام الأردني، في كلمة ألقتها سموها في المنتدى، على أهمية نبذ العنصرية والتفرقة والعمل على تصحيح الصورة المغلوطة للعرب في نظر الغرب. وقالت: &laquo;ثمَّة صورة نمطية سلبية وخاطئة رسمها الغرب للعرب، ولا سيما في أفلام هوليوود السينمائية، ولكن يقع على عاتقنا نحن، التصدي لتلك الصورة المغلوطة عن العرب، والعمل على تصحيحها&raquo;.<br /> <br /> وتاليا نص كلمة سمو الأميرة ريم علي في المنتدى:<br /> <br /> أصحاب السعادة والمعالي والعطوفة<br /> <br /> السيدات والسادة<br /> <br /> اسمحوا لي في البداية أن أشكركم لحضوركم معنا في هذه الأمسية وأن أعبر عن امتناني لتكرمكم بدعوتي لحضور هذه الفعالية.<br /> <br /> أود أن أستهل كلمتي بقصة حدثت لي شخصياً بصفتي مراسلة صحافية عربية تعمل في شبكة إخبارية غربية.<br /> <br /> ففي عام 2003، وبعد أيام من الحملة العسكرية في بغداد، تم طردي وفريق العمل العامل معي، فذهبت إلى عمان حيث طُلب مني البقاء هناك وإعداد تقارير حول المساعدات الإنسانية المرسلة إلى العراق.<br /> توجهنا مرة أنا والزميلة الأميركية - ذات العيون الخضر والشعر الأشقر التي كانت تقوم بإنتاج تقاريري التلفزيونية &mdash; إلى المكان الذي كان سائقو الشاحنات يتزودون فيه بالوقود في رحلاتهم إلى العراق.<br /> وبما أنني أتحدث العربية، فقد كنت أطرح الأسئلة حول الأوضاع القائمة.<br /> <br /> فما كان من أول شخص أجريت مقابلة معه إلا أن توجه إلى المنتجة وبدأ في الحديث معها.<br /> <br /> فأخذت الميكروفون وسألته عما إذا كان بوسعه توجيه كلامه لي، فأجاب: &quot;لا! أريد أن أتحدث مع الشخص الذي سيقرأ التقرير ويظهر على شاشة التلفزيون.&quot; ومهما حاولت اقناعه بأنني أنا من سيقدم التقرير، استمر في التوجه إلى منتجتي ليشرح لها وجهة نظره حول مجريات أمور.<br /> <br /> عدت إلى العراق بعد بضعة أسابيع، وكما تذكرون كانت الأوضاع في بغداد في ذلك الوقت متقلبة للغاية. لذلك، قررت شبكة CNN توظيف شركة أمن لمرافقتنا أثناء بعض مهام التصوير. وفي أحد الأيام، طُلب مني تغطية غارة جوية في أحد الأماكن، وأثناء انتظاري لباقي أفراد فريق العمل، كنت أدردش مع السائقين باللغة العربية. وعندما وصل رجال الأمن، طلبوا مني الجلوس في المقاعد الخلفية للمركبة الثانية وبدأوا يصيحون &quot;أين المراسلة ؟&quot;&nbsp; ولم أكن متأكدة ما إذا كانوا يقصدونني، لكن المنتجة أكدت أنهم كانوا بالفعل يقصدونني. فتقدمت وقلت إنني المراسلة. ومرة أخرى، قالوا إنهم كانوا يبحثون عن المراسلة الحقيقية، فأكدت لهم أنه أنا. فاعتذروا قائلين إنهم لم يكونوا يعتقدون أنني المراسلة &quot; لاعتقادهم أنني عربية.&quot;<br /> <br /> هذه الحوادث الطريفة، التي لم تكن خبيثة بأي شكل من الأشكال، تكشف الصور النمطية التي يسعى الكثير منا لترويجها داخل مجتمعاتنا وفي مواقع عملنا، بل وفي كل مكان.<br /> إنني أدرك، مثل الكثيرين منكم، الصور النمطية السلبية التي تصورها أفلام هوليوود، كما أدرك التمييز في الطريقة التي تتم فيها تغطية العرب والشؤون العربية في المحطات الإخبارية الغربية.<br /> ويبقى واجبنا محاربة كل كلمة تعتبر معادية للعرب أو تنطوي على تمييز ضدنا.<br /> <br /> لكنني في الوقت ذاته أحذر من الاعتقاد بأن ثمة مؤامرة منهجية في كل مكان حولنا.&nbsp; فأعلم من خبراتي الشخصية أن هناك الكثير من الجهل البريء أو الساذج حول العرب. وبالتالي يقع على كاهلنا واجب آخر، وهو أن نطلع الآخرين عن من هم العرب حقاً وأن نساعدهم في الابتعاد عن الصور النمطية.<br /> <br /> إلى درجة ما، هذا يعني التأكد من أن الصورة اللائقة والدقيقة لمن هم العرب تنعكس في كل مجال ممكن: في الرياضة، الطبخ، الفنون، وسائل الإعلام، وغيرها.<br /> <br /> هذا يعني أن نعطي الأولوية للثقافة في مجتمعاتنا، وألا نتركها جنباً مهمشة كما هو الحال في بعض البلدان.<br /> <br /> عادة، عندما يوجه لي سؤال حول السبب في سمعتنا السيئة، أجيب بدوري بالسؤال: من هو المسؤول عن صورتنا؟ ألا يتمثل دورنا، في نهاية المطاف، في العمل على تحسين صورتنا كعرب، بدلاً من أن نتوقع أن يقوم الغرب بخوض معاركنا؟<br /> <br /> لكن التغيير الفعلي للصور النمطية والمفاهيم الخاطئة يتجاوز مجرد إبراز الصورة المرغوبة وتوقع أن &quot;يصدقها&quot; الآخرون.&nbsp;<br /> <br /> وثمة ميل إلى استخدام طرق مختصرة: فالتعاقد مع شركات العلاقات العامة من الممارسات المنتشرة على نطاق واسع في كل مكان، في الشرق والغرب على حدٍ سواء. إلا أن اليد الطولى ستكون للحقائق لا محالة، وقد غدت الجماهير على جانبي الفجوة الثقافية أكثر تفهماً لوسائل الإعلام، بحيث أنه لا يجوز القاء اللوم كلياً على أجهزة الإعلام في خلق التوترات. وغني عن القول إن القضايا السياسية الخطيرة، مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عقبات شائكة لا يُمكن تجاهلها أو حلها بإبراز صور أكثر إيجابية هنا وهناك.<br /> <br /> وإذا أردنا تأسيس لتواصل في اتجاهين يستند إلى الاحترام المتبادل ومعرفة الآخر، فإنني أعتقد أننا بحاجة للبدء من الجذور:<br /> في الغرب، وكما هو الحال في منطقتنا، يشكل التعليم الابتدائي نقطة واضحة للبداية، لأسباب ليس أقلها أن أطفال اليوم هم مستهلكو الغد، ولكنهم أيضاً هم الذين ينتجون المحتوى عن طريق التواصل الاجتماعي. وبالتالي، ينبغي بذل الجهد ضمن مختلف وسائل الإعلام التقليدية، بما فيها الأخبار والترفيه.<br /> <br /> أما بالنسبة لمنطقتنا، فأقترح أن تكون نقطة الانطلاق باستعادة معرفتنا بتاريخنا وتعليم الفلسفة، التي لم تعد موجودة في بعض مناهج الدراسة الثانوية.<br /> <br /> الغريب في الأمر أننا نتوقع من الغرب الاعتراف بأنه مدين للحضارة العربية في حين أننا لا نقوم بذلك بأنفسنا.<br /> <br /> لقد تمّت إزالة سِيَر المفكرين العرب الذين عاصروا ذروة الحضارة العربية من الكثير من المناهج الدراسية الحكومية، وترك أطفالنا ليتعلموا نتفاً متناثرة محدودة تمجد فتوحات الإمبراطورية الإسلامية.<br /> في حين أننا نعلم، كما سجله العالِم المسلم الهاشمي في ذلك الوقت، أن العالم الإسلامي ازدهر خلال العصور الوسطى بفضل حرية التفكير.<br /> <br /> والجدير بالذكر أيضاً أن ثمة قدراً يسيراً من الاعتراف أو الفخر بالتنوع الكبير في مجتمعاتنا.<br /> <br /> لكننا لا نستطيع أن نكون منفتحين على الحوار مع الآخرين إلا بعد أن ننجح في تعليم التنوع لأطفالنا وبعد أن نكون قد تقبلناه بسرور في مجتمعاتنا، دون الشعور بأي تهديد من قبل إيٍ كان وبأي شكل من الأشكال.<br /> <br /> التحقت في صغري بمدرسة فرنسية، لكنني تلقيت دروساً في اللغة العربية على يد مدرّس خاص كان يجيد القواعد، لكنه كان يصر على أن العرب هم الذين حققوا كل الاختراعات. وبالطبع، تعلمنا في المدرسة أن معظم الاختراعات والاكتشافات قام بها الأوروبيون. كان ذلك مربكاً، لكنني استنتجت منه أن هناك دائماً جانبين لكل قصة وأن الحقيقة تكمن عادة في مكان ما بينهما &mdash;&nbsp; مما عاد عليّ بفائدة كبيرة لما دخلت الميدان الاعلامي.<br /> <br /> عندما عملت كصحافية في الميدان، عمدت إلى اعداد تقارير عن الناس في المنطقة كأفراد، ليس فقط كعرب ومسلمين ولكن كأمهات وآباء وأطفال ... أي كبشر باختصار.<br /> <br /> لقد زار منطقتنا العديد من الصحافيين الغربيين، الذين كانوا يحملون الكثير من النوايا الحسنة والرغبة في الفهم. وطالما شعرت أنه كان بمقدورنا بذل المزيد من الجهد لمساعدتهم في فهم من نحن كعرب. واليوم، نلاحظ أن جهوداً أكبر تُبذل بهذا الاتجاه.<br /> <br /> إذا نظرنا إلى صورتنا كعرب في السينما، على سبيل المثال، فأملنا ضئيل بأن تكون الأفلام الرائجة &quot;لطيفة&quot; بحقنا وأن تظهرنا بصورة جيدة؛ لذلك نرى اليوم جهوداً تُبذل في شتى أرجاء المنطقة في محاولة لسرد قصصنا &ndash; وهذا مشجّع للغاية.<br /> <br /> من المؤكد أنه يجدر بنا الاستثمار في الأفلام المحلية والمساعدة على تحسين نوعية ما يتم إنتاجه منها، بدلاً من دفع مبالغ طائلة للمنتجين الأجانب الكبار للقيام بهذه المهمة.<br /> وإذا أردنا أن نردم فجوة الاتصال، فينبغي علينا أن نقنع الناس على كلا الجانبين بأهمية التقدير والتفاهم المتبادل فيما بينهم.<br /> <br /> أعتقد أن قيام شبكات إخبارية أجنبية ببذل جهود ملموسة في تغطية موسم الحجّ ، على سبيل المثال، قد أسهم كثيراً في إزالة الغموض عن بعض جوانب دين ينظر إليه العديد بشيء من الريبة. كما أنني أعتقد، أن البرامج التلفزيونية حول السفر والطبخ، التي تجول بنا في شتى أرجاء المعمورة، قادرة على فتح قنوات الاتصال بشكل كبير.<br /> <br /> لقد عُرفنا نحن العرب بثقافتنا القائمة على رواية القصص. وأتمنى مثلاً أن يقوم أحد صانعي الأفلام الشباب بسرد روايته الخاصة حول الثورة العربية الكبرى التي لا تدور حصراً حول شخصية لورانس العرب الأسطورية &ndash; بقدر ما أحببت ذلك الفيلم شخصياً واستمتعت بمشاهدته مراراً وتكراراً وبقدر اعتزازي بأن تصويره تم في الأردن.<br /> <br /> نحن بحاجة إلى إعادة تملّك رواياتنا وقصصنا، على حدّ قول ادوارد سعيد. لكن ذلك اليوم لا يعني أنه علينا انتزاعها من بقايا الفكر الاستشراقي، بل يعني أيضاً انتزاعها من بعض الخطابات الحكومية، على الأقل في بعض البلدان، حيث منعنا انعدام حرية التعبير من أن نمتلك حقاً قصصنا.<br /> <br /> وهذا إلى درجة ما، ما حققته وسائل الاتصال الاجتماعي: استعادة تملك قصصنا &ndash; فيما عدا أنها تقدم مجموعة كبيرة من الروايات، بحيث أصبح الوضع معها مربكاً للغاية.<br /> <br /> لكن عندما يتعلق الأمر بالأخبار والحقائق، وباستثناء القنوات الفضائية الإقليمية والدولية الكبيرة، ومنها قناة العربية، حيث الاحتراف هو القاعدة، فإننا غالباً ما نجد أنفسنا بحاجة إلى المزيد من تغطية الأخبار المحلية.<br /> <br /> ما زال العديد من القنوات الحكومية يتردد في التحول إلى قنوات إعلامية عامة بالمعنى الصحيح، مما يساعدها على إظهار درجات أفضل من التنوع في خطابها الإعلامي وفي تمثيلها لشعوبها. وهذا أيضاّ ضار للغاية لأنه يعكس صورة لمجتمع أحادي اللون لا يمتلك سوى القليل مما يقوله عن نفسه.<br /> <br /> لكنني لست في الحكومة، فأنا أعمل في مجال التربية الاعلامية.&nbsp; لذلك، أود أن أختم حديثي ببعض الملاحظات حول هذا الموضوع، فالتعليم الصحافي قادر على القيام بدور حاسم في إعادة توازن المفاهيم الخاطئة وتجسير الفجوة الثقافية.<br /> <br /> لقد شهدت العقود الأخيرة تدفق الكثير من التمويل على مختلف جوانب التدريب الإعلامي في المنطقة.<br /> <br /> بيد أنني اعتقد أنه يترتب علينا أن نكون متطلبين أكثر عندما يتعلق الأمر بالمحتوى، حتى في الدورات التدريبية القصيرة التي لا تتجاوز مدتها الأسبوعين.<br /> <br /> وهنا، وكما في جميع مجالات التعليم الأخرى، علينا أن نتأكد أن لا تخلو أية دورة إعلامية تتناول التكنولوجيا أو المهارات التقنية من الحد الأدنى من العلوم الإنسانية، بالإضافة إلى التفاهم فيما بين الثقافات.<br /> <br /> في معهد الإعلام الأردني، نعتقد بأن لا برنامج تدريبي جيد للغاية عندما يتعلق الأمر بتثقيف الصحافيين، فالرهان كبير للغاية.<br /> <br /> لقد أدرجنا في برنامج التعليم مساقاً يتناول الدراسات الثقافية، وذلك لمساعدة الطلاب - الذين سيتعين عليهم التعامل مع تغطية الأديان والثقافات والعلاقات الدولية - في فهم العالم الذي نعيش فيه بطريقة أفضل.<br /> لذلك، أود أن أختم حديثي بالقول إن وضع مفهوم الإنسانية في صميم التعليم الصحافي لا يعتبر ترفاً بل ضرورة.&nbsp; فلا نستطيع إدراك قوة الإنسانية كعامل يوحدّنا، إلا بالاحتفاء بها على أشكالها الإثنية والدينية والثقافية.<br /> <br /> اسمحوا لي أن أحيي مضيفينا في هذا الحدث، وذلك بسبب الرؤية التي وضعوها في إعادة إطلاق الموقع الإلكتروني لقناة العربية وخطتهم الرامية إلى ترجمة الأحداث الإقليمية إلى لعة أجنبية، مما سيفتح المجال حقاً لاتصال أفضل بكثير عبر وسائل الإعلام.<br /> <br /> كما أن موقع قناة العربية باللغة الإنجليزية، الذي تم إطلاقه قبل خمس سنوات ويعاد إطلاقه بحلته الجديدة الآن، هو بنفس القدر من الأهمية.&nbsp; إذ أنه سيتيح الفرصة لجماهير الناس حول العام بالاستماع إلى قصصنا وهي تسرد من منظورنا بطريقة مهنية.<br /> <br /> تهانينا على إعادة إطلاق هذا الموقع!<br /> <br /> وتهانينا لإمارة دبي لكونها أول مدينة عربية تستضيف معرض إكسبو العالمي، الذي نعتبره حدثاً من المؤكد أنه سيساعد في تجسير الفجوات الثقافية على نطاق واسع.</div>