برعاية سمو الأميرة ريم علي، نظم معهد الإعلام الأردني يوم أمس جلسة نقاشية بعنوان "حماية الصحفيين، الحفاظ على الحقيقة" بمشاركة مجموعة من الصحفيين والأكاديميين الدوليين وممثلين عن منظمات معنية بحماية حقوق الصحفيين، سلطوا خلالها الضوء على معاناة الصحفيين واستهدافهم في مناطق النزاع.
افتتحت الجلسة بكلمة لسمو الأميرة ريم علي قالت فيها أن أكثر ما يبعث على القلق في استهداف الصحفيين الذي نشهده في غزة هو أنه محاولة لمنع العالم من معرفة حقيقة ما يجري في القطاع منذ السابع من شهر تشرين الأول الماضي خاصة وأن أعداد الضحايا من الصحفيين هناك هو الأعلى مقارنة مع أي نزاع آخر في العالم خلال هذه المدة الزمنية القصيرة.
وقالت أنه من المؤكد كذلك أن أعداد الناس التي نراها في المسيرات الشعبية في شوارع لندن وباريس ونيويرك وبروكسل والعديد من العواصم حول العالم هي نتاج لتقارير صحفية على وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي.
ولفتت إلى دعم جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين بتقديم منحة دراسية سنوية باسم الصحفية شيرين أبو عاقلة منذ العام الماضي في معهد الإعلام الأردني الذي يطور برامج أكاديمية تطبيقية بمعايير دولية ويضم أكاديمية معلوماتية ومنصة للتحقق الصحفي مما يساهم بالفصل بين الوقائع والخيال.
وبينت الاستاذة المشاركة في دراسات الإعلام والصِّحافة بالجامعة الأمريكية في الشارقة عبير النجار أنَّ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لم يبدأ يوم السابع من شهر تشرين الأول الماضي، ولكنه ممتد عبر أكثر من 7 عقود، شعر فيها الفلسطينيون بالتحيز الكبير للرواية الاسرائيلية، وكان الأمر دائما مرتبط بخصائص التغطية المختلفة.
وأكدت أن التغطية الصحفية المتحيزة تستخدم أدوات كاختيار الحقائق والتأطير وخيارات اللغة والتي تؤدي إلى الانحياز بشكل واضح للطرف الاسرائيلي وهذا كان بسبب ما يجري في غرف الأخبار. كما لفتت إلى أنَّ هناك وعيا متناميا ونقدا مستمرا والبحث عن العودة مرة أخرى للمعايير الاساسية الأولى التي تحافظ على نزاهة الصحفيين والمهنة.
وأشار منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحافيين شريف منصور، إلى أنهم طالبوا بتحقيق علني وسريع في قتل الصحفيين وأن هناك حالات استهداف وقتل مباشر تم توثيقها، وحالات تهديد بالاستهداف قبل وأثناء هذه الحرب.
وأكد الصحافي المتخصص في الشؤون الدولية جيم كلانسي أنَّ كل صحفي يغطي الحروب يعرف شعور التهديد والرعب، وأنه لم يشهد من قبل استهدافاً للصحفيين بشكل علني إلا فيما يجري حالياً في غزَّة فحتى عائلات الصحفيين والإعلاميين هم هدف للنار.
ولفت إلى أنه يجب إظهار الحقيقة وملاحقة من يستهدف الصحفيين، ويمكن القيام بعدد من الأمور لدعم الصحافيين من بينها الدعم المعنوي والأخلاقي وخاصة من قبل المنظمات الدولية، بالإضافة إلى الدعم الاقتصادي ودعم الحقيقة وعدم تبني الروايات غير الحقيقية.
وأوضح الأستاذ المشارك في دراسات الإعلام والصحافة في الجامعة اللبنانية الأمريكية جاد ملكي أنَّ العدو الاسرائيلي يستهدف الإعلاميين والصحفيين وأن الحرب الإعلامية مع الاحتلال الاسرائيلي مفتوحة.
وأكدت عضو إدارة المعهد والمديرة التنفيذية في قناة المملكة دانا الصُّياغ أنَّ الدعم النفسي مهم في كل وقت لمراسلي الميدان، لكن الأمر في غزة كان أكثر صعوبة ومختلف جدا، مما دعا الجميع لتطوير أدواته وبذل أقصى الجهود لدعم المراسل الصحفي، خلال ما جرى ويجري في غزَّة فإنَّ الامر لم يكن متوقعًا بهذا الحد المؤلم.
وأكد الباحث في حقوق الانسان علاء قاعود أنَّ الجميع يُقدِّرون الدور المحوري الذي تقوم به الصِّحافة، وكلما استطعنا الابقاء على حماية الصحفيين يكون بإمكاننا الاطلاع على الواقع والحقائق من كل ميادين الأحداث.
وأضاف بأنَّ الصِّحفيين ووسائل الإعلام في غزة قاموا باطلاع العالم وبشكل مباشر على الفظائع التي وقعت في قطاع غزة.
وقال مراسل ومقدم الأخبار في تلفزيون إم تي في اللبناني نخلة عضيمي إن عمرًا جديدا كتب له بعد استهدافه بصاروخين في جنوب لبنان خلال الأحداث الأخيرة في لبنان وتحديدا في بلدة يارون.
ووصف حجم الخطورة التي يتعرض لها الصحفي في الحروب، وأنَّ اول الاحتياطات اللازمة هو ضمان الحياة والبحث عن المكان الآمن، وأن رسالة الصحافة هي نقل الحدث ولا يمكن الإجابة بكلمة لا ورفض عملية التغطية.
تخلل النقاش رسالتين مسجلتين من المراسلة الميدانية بقناة الجزيرة في قطاع غزَّة يُمنى السيد والمراسل الميداني في قناة المملكة باسل العطار عرضا فيهما معاناتهما في تغطية الحرب على غزة حيث قالت السيد أنها شعرت أن كل شيء مستهدف من مدارس ومستشفيات وصحافيين واطفال ونساء، وأن الواجب الأخلاقي كان يفرض عليها عدم مغادرة عملها ونقل أدق التفاصيل.
ولفت العطار أن الصحفي في غزة بلا مكان يقيم به او يقف فيه وأن النوم كان في الطرقات، وبين أن اسرائيل قطعت الاتصالات لست مرات متتالية مما أعاق نقل الرسائل الصحفية، مما دعاه لاستحداث طرقِ للحديث دون سماع القناة ومذيعها في الجانب الآخر، وأنَّه حاول بكل الطرق إيصال الصوت والصورة دون انقطاع، وظهر على الهواء مباشرة لمدة 73 يوما.
وأشار رئيس مركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور إلى أنَّ قتل الصحفيين في قطاع غزَّة والضِّفة الغربية يتم بطريقة بشعة، ويتم اعتقال آخرين وتجريدهم من ملابسهم، ليضافوا إلى قائمة طويلة من استهداف آلاف من المدنيين.
وبين أنَّ قانون القوة يسود على القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان وهناك عجز في تطبيق الميثاق الخاص بحقوق الإنسان، وإفلات اسرائيل من القانون ليس وليد اللحظة بل مستمر منذ زمن طويل، وأنها دولة فوق القانون ولا أحد يُسائلها.
وقال نائب الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين تيم دوسن، ان الصحفيين يمرون بأوقات صعبة خاصة في غزة حيث لا يترك القصف الجوي والبري والبحري والقناصة لأحد مساحة آمنة ينجو بها من الموت.
وقد تكونت الجلسة النقاشية التي امتدت لثلاث ساعات من ثلاثة محاور رئيسة شملت إسكات الصحفيين، وعبء الكشف عن الحقيقة والإفلات من العقاب في قتل الصحفيين.