Image:
26 نيسان 2015
<div dir="rtl">صحيفة الغد - 25 نيسان 2015<br />
د. باسم الطويسي</div>
<div dir="rtl">برحيل السيدة جنيفر حمارنة، رئيسة التحرير السابقة لصحيفة "الجوردن تايمز"، تفقد الأسرة الإعلامية الأردنية واحدا من أبرز المدافعين عن استقلالية الصحافة الأردنية، ومن أبرز البناة الحقيقيين للمهنية الإعلامية، والداعين إلى تعميق دورها في بناء مجتمع ديمقراطي أردني. فيما نقرأ في الصفحة الأخيرة من حياة السيدة حمارنة ما نحتاج أن نقوله ونعلمه لأنفسنا صباح مساء؛ أي ذلك المعنى الحقيقي للانتماء، والفهم العميق للمواطنة، والذي يجمع عليه كل من عرفها وعمل معها؛ ويعني بكل بساطة أن المواطنة الحقيقية والصادقة هي بقدر ما تحب البلد والناس وتمنحهما من عطاء ووفاء، وليس بالأصول والمنابت والشعارات والأغاني<span dir="LTR">.</span></div>
<div dir="rtl"><br />
أول مرة تعرفت فيها على السيدة حمارنة، بسرعة وبالصدفة، كانت في مكتب المرحوم عبد الله الحسنات، الذي عمل أيضا رئيسا لتحرير "الجوردن تايمز". لقد كانت مؤمنة بقدرات عبد الله؛ ذلك البدوي الجنوبي الذي حل على عجل ليرأس تحرير الصحيفة الإنجليزية الأولى في البلاد، ويرحل على عجل بمرض غامض وصعب، كما حدث مع جنيفر<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
كانت مؤمنة بهذا الجيل من الأردنيين، وساهمت في مساندتهم، ودفعتهم قدما لكي يسهموا في بناء بلدهم، من أجل الديمقراطية والمشاركة والعدالة. وفي مقدمة الجميع، كان إيمانها ودعمها ومساندتها لرفيقها مصطفى حمارنة في مشروعه الديمقراطي الوطني<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
علاوة على مساهمتها الكبيرة في تعميق قيم المهنية والاستقلالية التي ارتقت بأداء "الجوردن تايمز" في تلك المرحلة، وهو الأمر الذي أشارت له العديد من الدراسات العلمية التي تناولت أداء الصحافة الأردنية خلال العقود الثلاثة الأخيرة، فقد ترك ظلها الأخضر الطويل أثره على جيل كامل من الصحفيين الأردنيين الذين وصفوها بالمعلم الحقيقي<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
في تجربة عضويتها في مجلس إدارة معهد الإعلام الأردني، لمست عن قرب وجها آخر لهذا الانتماء العميق. فعلى الرغم من مرضها في سنواتها الأخيرة، إلا أنها كانت حريصة، وبشكل فارق، على دعم هذه المؤسسة غير الربحية، وتكريس وقتها من أجلها. وأذكر في الاجتماع الأخير، قبل أقل من شهرين، أنها كانت أقل من تكلم، لكن كلماتها علقت في الذاكرة؛ حينما ذهبت إلى التأكيد على مدى حاجتنا للانتقال سريعا نحو الانتباه إلى جمهور وسائل الإعلام، وضرورة إدخال التربية الإعلامية إلى المدارس والجامعات، وأن أجيالنا الجديدة والشباب في أمسّ الحاجة إلى منظور نقدي في التعامل مع وسائل الإعلام، حتى لا يقعوا فريسة للتطرف والأفكار المغلقة<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
أفضل ما يمكن أن نتعلمه من تجربة الفقيدة حمارنة، هو حاجتنا إلى نحت معنى جديد للانتماء، لا يعترف إلا بمسطرة العمل والإنجاز والوضوح الأخلاقي؛ مفهوم يقوم على أنسنة الوطن. أي ثقافة سياسية ومهنية جديدة تحتاجها وسائل الإعلام أكثر من غيرها<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
أعادتني هذه الخواطر إلى مقولة تلخيصية معبرة على لسان المرحوم عبدالله الحسنات، وردت في كتاب عن الإصلاح السياسي والإعلامي في الأردن، يقول فيها: "إن الجامعات والصحف والأحزاب في الأردن لم تستطع خلق طبقة مثقفة حرة قادرة على الدفاع عن المجتمع والدولة الأردنية في الأوقات الصعبة"، وقادرة على إنصاف الدولة حينما تتغول عليها الحكومات والنخب الفاسدة. وهذا الضعف يرتبط في الأصل بهشاشة الثقافة السياسية السائدة المضطربة، والتي لم تنجز مهمات أصيلة في صلب الحياة العامة. لذا نجدها ثقافة ترتجف أمام طروحات الإصلاح، وتنشر هواجس الخوف من كل تغيير<span dir="LTR">.</span><br />
<br />
آخر ما يمكن أن نقوله للفقيدة حمارنة، ولروحها الطيبة في رحلتها الأبدية وهي تحتضن الأرض العتيقة على أكتاف مؤاب وآدوم: شكرا<span dir="LTR">.</span></div>